شهدتِ الفترة الأخيرة حركةً نشطة للرواية العربية في ألمانيا، التي بدأت ترسم ملامح خاصة بها من خلال سمات مُحددة وإن كانت بيئة الوطن الأم حاضرةً وبكثافةٍ فيها، إلا أنّها بدأت تأخذ من المجتمع الألماني ما كان على تماسٍ مباشرٍ مع حياة الراوي، كما بدأتْ صورة الآخر تتمظهر بوضوحٍ على متنها وتقدّم براهين على التجارب الحياتية. ثمّة أصوات روائية عربية قبلَ حركة اللجوء الأخيرة، عايشت تجربة الحياة في ألمانيا واختبرَت المجتمع من خلال العلاقات مع أفراده.
ما يعنينا هنا، في هذه الدراسة. هو كيف ظهرت ملامح المرأة الألمانيّة في الرواية العربيّة الحديثة، وكيف انعكست الرؤية الذاتيّة للكاتب على ذلك؟ وعليه فإننا هنا نرصد صورة الشخصية الألمانية في الأعمال الروائية المكتوبة بالعربية لكُتَّاب عرب عاشوا في ألمانيا وأصدروا نتاجاتهم الأدبية فيها أو ممن درسوا في ألمانيا ثم عادوا إلى بلدانهم بعد انتهاء دراستهم أو مِنَحهم العلمية أو حتى بعد الاستقرار السياسي وانتهاء الحرب. ولأنّ الشخصية الروائية غالباً ما تكون محور الارتكاز في العمل الأدبي ودعامة البناء الكلّي له ومن خلالها يمكن فهم المجتمع الروائي عبر مجموعة من العلامات والسمات شكلية كانت أو ضمنية، ومن ثم يمكن أن نصل إلى محاولة فهم المجتمع والبيئة العامة لهذه الشخصية تبعاً لكل مرحلة زمنيّة.
ومن الناحية الإجرائية يمكن تقسيم الفترة الزمنية تاريخياً إلى ثلاث مراحل، حسب ظهور هذه الشخصية وتموضعها على متن السرد:
1- المرأة الألمانية في بدايات الرواية العربية
يتفق معظم مؤرخي الأدب العربي الحديث بأن الكاتب المصري محمد حسين هيكل، هو أبو الرواية العربية الحديثة بشكلها الفني المماثل للرواية الغربية، وذلك مع نشر روايته “زينب”، عام1913م، أما ظهور شخصيّة المرأة الألمانيّة فِي الرّواية العربيّة، فتم ملاحظتها أول مرة مع أعمال مؤسس الرواية العربية في سورية، الكاتب الدكتور شكيب الجابري (1912-1996)، وذلك في روايته الأولى “نَهم” التي صدرت عام1937م، عن دار اليقظة في دمشق،1 حيث في بداية شبابه عاش الجابري ودرس في ألمانيا، وفي روايته “نَهم” يصور العلاقات المفتوحة بين الرجال والنساء في مُحيطه، تبعاً لوجهة نظره وعلاقته بالآخر”المرأة”. يظهر ذلك من خلال علاقاته مع نساء ألمانيات كثيرات، فيصور المرأة على أنّها “تدور في فلك الرجل القادم من الشرق، من بلاد السندباد”. فقد كانت عشيقته غابرييل مولعةً بالجنس، تراسله، لا همّ لها سوى مواعدة الشباب وقضاء الوقت الممتع معهم، وهو لا يراها إلا جسداً، تلهث خلف فحولته. تقول له في رسالتها له: “انتظرني تحت تمثالِ بسمارك، فإنّي موافيتك، احتفظ بجميع قبلاتي..”. 2
من جهة أخرى جاء عنوان الرواية “نهَم” حمّالاً لمضمونها من خلال تغليب النظرة الجنسانية للمرأة، حسب رؤية بطل الرواية، فقد ظهرت النساء فيها شخصيات مسطحة دون بُعدٍ ماضويّ، وإنما مجرّد صور وأشكال يحرّكها الراوي تبعاً لرغباته. لذلك حين صدرت “نهم” تلقّى المجتمع العربي هذه الرواية وفق منظورين جدليين بين رافض ومستهجن لوقاحة المحتوى وجراءته وفجوره، واعتبرها البعض رواية ساقطة ويجب ألا تُنشر، وبين مؤيد ومتحمس لها بقوة، وظهر فريق ثالث توفيقي، رأى بأنها رواية سابقة لأوانها في المجتمع العربي المحافظ، فقد قال عنها الدكتور طه حسين: “ما كنت أنتظر أن يُكتب مثلها في العالم العربيّ قبل خمس عشرة سنة”.3 في حين رُوي بأنَّ الملك عبد الله – وكان أميراً لشرق الأردن في ذلك الوقت- قال عن الرواية: “هذا كتاب كُتب لما بعد عشرين سنة”.4 ثمّ فيما بعد كتب الجابري روايته الثانية “قدر يلهو”، ويبدو أنّ طول المدّة التي عاشها الرّاوي في ألمانيا كانت كفيلة بتغيير وجهة نظر الجابري بالمرأة الألمانية، فصارت أكثر موضوعية فأصبحت “ليزا” الأمّ والعاملة، تقرأ وتحبّ الفكر والسياسة وتهتمّ بالنظام العام وهنا نحن أمام شخصية تتغير وتتطور عبر السرد الروائي تهتم بحاضرها ومستقبلها، تمتاز بسلوكها الحضاري ومن ثم، أراد الجابري في “قدر يلهو” أن يرينا الجانب الآخر من شخصيّة المرأة؛ هذا الجانب الذي لم يكن قد رآه في المرحلة الأولى من إقامته في ألمانيا حين كتب “نهم” ومن خلال “ليزا” أراد الجابري، أن يوصل رسائل للمجتمع العربيّ عن دور المرأة الألمانية في نهضة البلاد”5، ومن هنا يبدو هذا الدور الريادي للرواية بما تحمله من رسائل نهضوية من خلال استلهام شخصيات فاعلة، أرادها الجابري أن تكون نموذجاً حضارياً وأن تخرج من الإطار الروائي إلى الفضاء العام.
جاء عنوان الرواية “نهَم”
حمّالاً لمضمونها من خلال تغليب النظرة الجنسانية للمرأة، حسب رؤية بطل الرواية، فقد ظهرت النساء فيها شخصيات مسطحة دون بُعدٍ ماضويّ، وإنما مجرّد صور وأشكال يحرّكها الراوي تبعاً لرغباته
في مرحلةٍ تاليةٍ جاءت رواية “برلين69″، للروائي المصريّ صُنع الله إبراهيم (1937-)، التي تعالجُ مرحلة ما قبل توحيد شطري ألمانيا، وترصد علاقات بطل الرواية “صادق الحلواني”، الصحفي المصري العامل في القسم العربي في وكالة الأنباء الألمانية، مع عددٍ من النساء الألمانيات اللواتي تعرّف إليهن، يطلق على عملية التواصل مع كل امرأة ألمانية “تأهيل ثقافيّ”. في الرواية نماذج عديدة لنساء ألمانيّات مُختَبرات من قِبل فُحولته، فراح يصفُ لنا كلّ امرأة قابلها، فمثلاً كاترين: لا تهتمّ بنظافتها الشخصية، ليزا: نموذج للعلاقة الزوجية الملتزمة. إيزولدا: مبرمجة تريد مواعدته، لكنها ملتزمة بمواعيد أسرتها وزياراتها، صار عمرها ثلاثين سنة، لم تجد رجلاً، ارتبطت بقريب لها، فرّقهما الجدار، تُفكر في اصطياد رجل في صحةٍ جيدةٍ، لتقضي معه ليلةً واحدةً لتنجب منه. أولريكا: متوسطة الطول والجمال، في برلين الغربية وفي مظاهرة من أجل فيتنام تصيح “شعارنا نحن النسوة هو النعومة في السرير والعنف ضدّ رجال الشرطة”. أما ريناتا: فتفرط في مكياجها. إنجمار تجيد الإنكليزية لها طفل من أب إفريقي اختفى، تختار الطعام الأقل سِعراً، لكنها مثقفة وتهتمّ بالموسيقا وتاريخ ألمانيا، وتكره الأغاني الهابطة ولها نشاطها الحزبي. يهتمّ الراوي بالوصف الشكلاني للمرأة، فكلّ امرأة التقى بها، لا بدّ أن يذكر كلّ تفصيل في جسدها، فقد ذكر 16 مرّة في الرواية “امرأة ذات شعر أسود”! كما تحدّث عن ظاهرةِ تصابي العجائز وانتحارهن بالغاز المنزلي. إنسانياً بدت المرأة في الرواية مطفأة الروح، بل مُفرغة، باهتة، مُتعبة، لا تستطع جلب السعادة لنفسها، إلا آنيّاً عن طريق جسدها، ومن ثم لم تستطع أن تهب شيئاً معتبراً لمن حولها، حتّى على صعيد الاعتناء الجسدي بنفسها لم تكن تراعي شروط النظافة الدنيا، وقد مرّ ذلك في أكثر من سياق. ولم يتخلص الكاتب من ذاتيته، فيكتب عنهن من خلال أزماته الشخصية مع مفهوم الجنس أو الجوع الجنسي.6
بشكل عام جاءت الشخصيات في الرواية سردية توصيلية مسطّحة أو ثانوية، وظيفتها مرحلية، غاية الروائي منها دفع الأحداث وتحريكها، وفي غالب الأحيان صوّرها على أنّها دُمى تتحرك بأمر منه، قليلاً ما تحمل عمقاً سيكولوجياً، مؤدلجة التفكير، وذلك يعكس أثر تلك المرحلة السياسية على حياة تلك الشخصيات، خاصة إذا عرفنا أن أغلب أحداث الرواية تدور في “ألمانيا الشّرقيّة” في ذلك الوقت.
2- المرأة الألمانيّة في الرّواية العربيّة المخضرمة
تتسم الأعمال الروائية في هذه الفترة بالتنوع والنضج، وتعدد الأصوات النّسوية الألمانيّة في فضاء النّص المكتوب بالعربية أو النص العربي المترجم للغة الألمانية، أو المكتوب مباشرة باللغة الألمانية. يتميز كُتّاب هذه المرحلة بإتقانهم للغة الألمانية؛ لأنّ ظروف قدومهم إلى ألمانيا تختلف عن ظروف من جاء في مرحلة تالية. فقد كتبوا باللّغتين وترجموا مِن العربيّة وإليها. قسم منهم كانوا أكاديميين، ومنهم من تزوّج من امرأة ألمانية، لذلك نلمح في كتاباتهم هذا الوعي في تناول قضايا المجتمع من الداخل وفهم تفاصيله والقرب من شخصياته، ليس قرباً من جهة “المحاباة” أو المصلحة على العكس، فإن العلاقة غالباً ما تقوم على “النديّة الثقافية” من خلال سعيهم إلى إثبات قيم الثقافة العربية الأصيلة وبين كونهم جسراً أو عامل تواصل بين الثقافتين، نذكر من كتّاب السّرد في هذه المرحلة، فاضل العزاوي، عبد الحكيم قاسم، فارس يواكيم، حامد فضل الله، حسونة المصباحي، عبد الحكيم شباط، أمير حمد، رشيد بوطيب، حسين الموزاني، مروان الغفوري، سالمة صالح، عباس خضر، علي مصباحي، وغيرهم، ومن جهة أخرى يجب ألا ننسى أن من أهم أصوات هذه المرحلة الروائي السوري رفيق شامي (-1946) ولما يمتاز به من شعبية لدى القارئ الألماني ولما أنتجه من إبداع باللغتين العربية والألمانية، لكن جلّ ما كتبه رفيق شامي يتركّز حول البيئة الدمشقية ومعظم الشخصيات النسوية في أعماله تنتمي إلى تلك البيئة، الأمر الذي يمكن دراسته في سياقات نقديّة أخرى.ونشير هنا إلى أن قسماً كبيراً من هؤلاء الكتاب بقيت موضوعاتهم تدور في ثيمة الوطن العربي الأم وهمومه، وقلما نلمح إشارة ما لشخصية ألمانية عبرت فضاء الروايةـ أما القسم الثاني منهم فقد تركزت أعمالهم حول وطنهم الألماني الجديد، ومواضيع أعمالهم تدور حول قضايا وهموم الحياة في البيئة الألمانية، ومن هذا القسم الثاني يمكن أن نأخذ نموذجاً أعمالَ الرّوائيّ السّوريّ عبد الحكيم شباط، الذي ربما يعتبر أول كاتب عربي تكرَّست معظم أعماله الأدبية حول الحياة الاجتماعية في مدينة برلين، والكاتب عاصر فترة ما قبل اللجوء وما بعده، فرصد في أعماله التغيرات الديمغرافية والاجتماعية، التي حصلت ما بين الفترتين الزمنيتين في العاصمة برلين، وتطور العلاقة الجدلية ما بين مجتمع المهاجرين والمجتمع الألماني، ونرصد هنا تطور النظرة إلى المرأة الألمانية فلم تعد مجرد موضوعاً أنثوياً للعاطفة أو الجنس كما جاء في معظم الأعمال السابقة بل نشهد هنا نضوجاً روائياً في رسم الشخصيات النسوية بوصفها كينونات اجتماعيّة فاعلة في جميع جوانب الحياة السياسية والعلمية والثقافية للمجتمع الألماني، فالشكل الجسماني أو العلاقة العاطفية أو اللباس، تصبح في أعمال شباط أموراً ثانوية، في حين يتم التركيز على وصف مستوى الوعي لدى المرأة الألمانية، ورسم معالم شخصيتها المستقلة، وطريقة تفكيرها، وأساليب حياتها المتعددة، ورؤيتها الثقافية لمجتمعها ولمجتمع “الآخر المهاجر”، وذلك بما لها من إيجابيات وما عليها من سلبيات، فجاءت نظرتهُ مُتوازنة مِن غير عُقد نَقصّ أو انبهارٍ أو تَهويلٍ، بل كانت محاولة جادة لاكتشاف هذا الآخر، ولتفاعلٍ اجتماعيّ وحياتيّ مُباشر معه، ولا يَقْصُرُ الكاتب الشَّخصيّة النَّسويّة البرلينيّة في أعماله لتحتكرها المرأة الألمانيّة، بل نُلاحظ تَنوّع شُخوصها، والكاتب يَعمدُ إلى هذا التَّنوع مِن مُنطلقين أساسيين: الأول وعيه بتركيبة البُنية الاجتماعيّة في برلين، بوصفها بُنية تَعدديّة، فلسنا في مجتمع النَّمط الواحد، بل هنا نجد جاليات تنتمي إلى معظم بلدان العالم من أمريكا إلى الصّين مُروراً بالشرق الأوسط وإفريقيا .. فلا يمكننا الحديث عن المرأة الألمانيّة بِمعزلٍ عن تفاعلها مع بقية النساء في المجتمع كالمرأة التُّركية والعربيّة والآسيوية والأوروبيّة.. إلخ.
لكن جلّ ما كتبه رفيق شامي يتركّز حول البيئة الدمشقية ومعظم الشخصيات النسوية في أعماله تنتمي إلى تلك البيئة، الأمر الذي يمكن دراسته في سياقات نقديّة أخرى
أما المنطلق الثاني: فهو النّديّة فِي مستوى التوصيف، فالمرأة الأجنبية تقف على مستوى النظير مع جارتها الألمانيّة، من غير إغفال طبيعة تفاوت الشرائح الاجتماعية، وهذا أمر عابر للعرق أو الجنس في المجتمع الألمانيّ، فقد تحصل المرأة الأجنبية على مكاسب أكبر بكثير من المرأة الألمانيّة في حال كانت مؤهلاتها العلميّة أو المهنيّة تقتضي هذا وهي “قادرة على تطوير ذاتها دوماً، حيث يُتيح المجتمع الألماني تكافؤ الفرص المهنية والتعليمية أمام المواطنين”، والعكس صحيح، كل هذه الأمور نجدها بوضوح في أعمال شباط. ولا شك أن المدة الطّويلة التي قضاها الكاتب من حياته في ألمانيا إلى جانب تحصيله الأكاديمي في مجالات الأدب والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس، وطبيعة المهن المتعددة التي مارسها على مدار سنوات طويلة. كل هذا انعكس في نضوج شخوصه وحبكة أعماله الروائية والقصصية، كما يتضح لنا تطور الشخوص النسوية في أعماله، على مدار ما يقرب من ربع قرن، فعلى سبيل المثال نجد في مجموعته القصصية “حكايات من برلين”، شخصية كرستينا المراهقة الألمانية التي تقع فريسة الإدمان، إذ ينقل لنا في قصة بعنوان “حبة الكريستال” مشهد من حي “أوسلور” أحد الأحياء التي يشكل المهاجرون أغلب سكانها كيف يقوم تاجر المخدرات باستغلال المراهقة الألمانية وابتزازها قبل تمرير المادة المخدرة لها، عبر إجبارها على تأدية حركات مضحكة أمام الناس في محطة قطار الأنفاق، ونجد الراوي هنا يتخذ موقف المراقب للأحداث والواعظ الأخلاقي، ورغم جماليات الوصف الذي يميز الأعمال المبكرة إلا أن الحس الوعظي كان يتسم حينها بالمباشرة والسذاجة7، وقد وُجهَ هذا النقد للكاتب في إحدى النَّدوات8، فكان جوابه: بأن تلك النصوص عكست مرحلة الكتابة الشّبابيّة9، المتأثرة بالكتابات العربية الكلاسيكية الحديثة مثل أعمال الكُتّاب الكبار توفيق الحكيم، والعقاد، والمنفلوطي، وحنا مينة، وسهيل إدريس، وغيرهم، إذ تغلب النظرة التقييمية للآخر، ويتسلل الحس الوعظي لا شعورياً إلى بنية النص من خلال النقد المفضوح أو المباشر للواقعة أو شخوصها، وتغلب عليها النظرة الأحادية، والتكرار، والحشو10. وقد احتاج الكاتب شباط إلى عمل ما يمكن تسميته بالقطيعة “الابستمولوجية” مع الأساليب الكلاسيكية للكتابة الروائية العربيّة، إلى جانب نماء تجربته الحياتية الخاصة، ونضوج مستوى الكتابة، والانفتاح على أساليب الرواية الألمانية المعاصرة، وهي أساليب يغلب عليها طابع الذَّريّة، بمعنى “التّشظي في حدود النّظام”11. وجواب الكاتب شباط ربما يعكس بالفعل الأساليب الخاصة التي اتبعها في أبنية أعماله اللاحقة، وعلى وجه الخصوص رواية “شارع بودين”، وهي أساليب مبنية بإحكام مع كونها تسير في عوالم متعددة ومتقاطعة، وحيث يصبح الكاتب جزءاً من الحدث الروائي، ينفعل به ومعه ويخضع للمصير الذي يرسم أقدار شخوصه. وهذا انعكس بدوره على تعدد عوالم المرأة في تلك الرواية، ليتفق مع تعدد مساقات النص الروائي، فلدينا شخصية ماريا من شارع بودين أحد أحياء الجالية العربية في برلين، حيث تمّ تحويل كنيسة الحي إلى مسجد بطريقة سحرية، ومعه تحوّلت ماريا بنت كارل من زوجة للمهندس ماتياس إلى زوجة للشيخ مِلقاط بطريقة كوميدية نقديّة لاذعة، ثم لدينا شخصية ماريا الراهبة الصّامتة في مصحة الاستشفاء النّفسي، وإيمان الطّالبة المُهاجرة مِن لبنان، وليليان الباحثة الإسرائيليّة، وغبصة الناشطة الإسلاميّة، وغيرهن الكثر، حيث الشخوص النسوية تُعرَّف بالدرجة الأولى ليس بوصفها أنثوية بل من خلال أدوارها الاجتماعية والمهنية والسياسية والعلميّة.12 وفي عمل آخر للكاتب شباط، هو “رواية حيّ نوليندورف”، تتوضّح صورة المجتمع الألماني من الداخل بسلبياته وإيجاباته، حيث تجري أحداث الرواية في حي نوليندورف أحد أهم أحياء برلين، وفي خضم الرواية نتعرف إلى عوالم المرأة الألمانية المتعددة من خلال تفاعلها مع الشخصيات النسوية “الأجنبية” في المجتمع كالإيطالية جاكومينيا، والبرازيلية باولا، والتركية زبيدة، والروسية أنجليكا، والعربية ندى.. إلخ.
ويهتم الراوي بسرديات هذه الشخصيات من خلال تفاعلها في الحياة اليومية، كما أن التعرف إلى الذات لا يكون هنا فقط عبر النقيض أو الآخر الغريب، بل كذلك عبر الشبيه والنظير، لذلك فإننا نتعرف إلى الشخصية النسوية الألمانية ليس فقط من خلال تفاعلها عبر النص مع المرأة الأجنبية بل كذلك من خلال علاقتها المباشرة مع مواطنتها المرأة الألمانية أيضاً، مثل سلفيا، وأندريا وغيرهن. فكان بناء الشخصية الخارجي المكتمل من ناحية الشكل العام، يوازيه حَفر مُعمق، وغَوص في “جوانيتها”، ليتيح للقارئ فرصة الإمساك بخيوط اللُّعبة القدريّة التي تحرك شُخوص العمل الروائيّ، وتُسهم في إزالة الغموض عن البواعث المحركة لكل شخصية وهي تعبر عن تمظهرها الاجتماعي، وتحاول رسم حدود معالمها الخاصة، وتؤكد على استقلالها الوجودي والوجداني كحالةٍ نَسويّةٍ إنسانيّةٍ فريدةٍ فِي مَساحةِ النّصِّ والواقعِ. لنتمكن –على سبيل المثال- من فهم دوافع السلوك العنصري الذي كانت تمارسه السّيّدة “ماريون”، إحدى الشخصيات النّسوية المركزية في رواية” حي نوليندورف” تجاه الآخر “الغريب”، بغض النظر عن جنسه أو أصله، وعبر محاولة تفكيك بواعث هذه الظاهرة، بوصفها حالة مرضية -طارئة- في تاريخ الشخصية النسوية الألمانية، وليست صِفة سلبيّة مُتأصّلة فِي شخصيتها. كما يطرحُ تفاعل الشَّخصيات النّسوية في هذا العمل، مفاهيم مهمة من مثل “سياسة الضّيافة”، و”الجوار الثقافيّ”، و”فُرَص التّعايش الإنسانيّ”، وقضايا العمل، والاندماج في المجتمع الألماني، فضلاً عن مفهوم “المواطنة العالميّة”، بالصيغة التي طورها الفيلسوف الإنكليزيّ المعروف برتراند رُسل.13 ثُمّ يبلغُ اهتمام الكاتب ذروته بمعالجة القضايا التي تهم المرأة اجتماعيّاً مع روايته الأخيرة الصّادرة قبل عامين، التي جاء عنوانها على اسم بطلتها “أيزات” أو “بنت القمر”.14
حيث تناول فيها أوضاع المرأة الأجنبية “الوافدة” للعمل في البلدان العربيّة في منطقة الخليج العربيّ- الفارسيّ، إلى جانب قضايا الهجرة الاقتصادية والعمالة بشكل عام، وأحلام الشّباب والثراء المادي15.
أما النمط الآخر من الكتابات العربية في ألمانيا، فيمكننا رصده في أعمال الكاتب السوداني الدكتور أمير حمد، حيث تتناول نصوصه بعداً آخر من شخصية المرأة الألمانية، فهو يركز في قصصه على “النمذجة” إذ يأخذ نماذج مختلفة من المجتمع الألماني
أما النمط الآخر من الكتابات العربية في ألمانيا، فيمكننا رصده في أعمال الكاتب السوداني الدكتور أمير حمد، حيث تتناول نصوصه بعداً آخر من شخصية المرأة الألمانية، فهو يركز في قصصه على “النمذجة” إذ يأخذ نماذج مختلفة من المجتمع الألماني مثل “النادلة، بائعة الهوى، الجندية، المرأة السمينة أو المعجبة بطريقة العيش في السودان..”، نماذج تبحث عن ذاتها خارج مجتمعها كما في قصة “امرأة بضّة” أو سيلينا المرأة السمينة التي تعاني من نظرات التنّمر ممن حولها، إذ يتركّز في الذهنية العامة نموذج المرأة الرشيقة الرياضية ذات الجسد المتناسق، فتبحث سيلينا عن مجتمع متصالح مع “شكلها” فتتزوج رجلاً موريتانيا وتنتقل للعيش معه في مجتمع “يُجلّ المرأة البدينة”، لتغدوَ هناك مضربَ المثل في الجمال، وتباشر عملها في صحيفة، وتكتب في قضايا المرأة16، بينما في روايته الأخرى “نانجور” نجد شخصية “سيلفيا” المرأة التي تعمل في بعثة الإغاثة الإنسانية في السودان أثناء الحرب، سيلفيا التي انتكست علاقتها الأولى مع رجل ألماني، رأى فيها جسداً جميلاً فقط، بينما في السودان تعرفت إلى رجل إفريقي تزوجته لكنّه تزوج عليها أكثر من مرّة، فتركته لكنها بقيت تحبّه، وهذه الشخصية الأخيرة، تعيش دورين متتاليين في الرواية، ضمن مرحلتين، الأولى: دعمها لبطلة الرواية نانجور في أزمتها في حرب السودان ومن خلال عملها في مساعدة النساء “المضطهدات”. أما المرحلة الثانية: فتكون عندما تموت “نانجور”، فترعى “سيلفيا” ابن المتوفية “محمد”، وتدعمه مالياً، ثم ترسل له الرسائل من ألمانيا لتنصحه بأن لا يُهاجر إلى أوروبا، فهي ليست مكاناً مثالياً لأصحاب الأخلاق الجيدة، قليلي الخبرة من أمثاله، وأنّ أوروبا باتت تُفضّل استقبال الخبرات والأكاديميين. وربما نقول بأن شخصية سيلفيا في رواية “نانجور”، تمثل وجهة النظر الأوروبية – الألمانية الرّسمية بالنسبة لقضية اللاجئين، ومن ثم فإن هذه المرأة تتسمُ بالوعي تجاه الأحداث، ولها بُعدها الإنساني والإيديولوجي، وهي تُغلّب المنطق على العاطفة رغم التصدعات في ذاتها الداخلية، التي تصرّ على إخفائها، وهذه الشخصية علا فيها صوت العقل على حساب صوت الجسد أو الشكل، ومن ثم حمّلها الكاتب “ترميزاً” أفكار ألمانيا ورؤيتها تجاه ما يدور في السودان. وفي سياق آخر تطرح سيلفيا موقفها من الكنيسة التي ألغت دور الفرد في أوروبا. كذلك في رواية نانجور تطرح “النادلة” قضية أخرى فهي تعمل في المقهى وقد تركها الراوي دون “اسم” تعيش حياتها الليلية، تتمتع بجسدها حتى تكتسب التجربة الكبيرة، ترى أنّ الحياة الطبيعية للمرأة الألمانية هي حياة ممارسة؛ حتى تكتشف ما المناسب لها، كما تطرح هذه الشخصية قضية المكان بالنسبة للألماني وضمن مقولة ريكاردو في الرواية “نحن الألمان كالبدو الرُّحَّل، المكان لا يعنينا بشيء”، فالنادلة ستنتقل إلى مدينة أخرى بعيدة عن برلين وسيكون لها هناك ما لها هنا من العمل والسكن وغير ذلك، فقط تريد أن تتعرف إلى أناس جُدد، في المحصلة ترى النادلة أن المرء لا يحتاج سوى حقيبة، يحشر فيها ملابسه ويمضي..17. وهنا نلاحظ بأن الكاتب أمير حمد، قد استفاد من إقامته الطويلة في ألمانيا، ومن عمله في المجال الاجتماعي والإعلامي والدبلوماسي؛ مما جعله على تماس مباشر مع المجتمع الألماني، فأغلب شخصياته لم تأت واقعية تماماً وإنما من خلال تركيب عدد من الشخصيات عبر مواقف أو علاقات مرّ بها، هذه الشخصيات تحمل طروحاته وأفكاره، ويتماهى بُعدها الفردي مع البعد الاجتماعي في طرح القضايا، والتفاعل معها.
أمّا في رواية “طريق الحوت” للروائي اليمني الدكتور مروان الغفوريّ، فإننا أمام شخصيّة من نمط مختلفٍ إذ نجد بين أبطال الرواية الشرطيّة الألمانيّة “سيلفيا”، من خلال هذه الشخصية يطرح الراوي قضية الملل واللامعنى، وتسليع واستهلاكية الحياة في الغرب، سيلفيا التي صار باستطاعتها أن تحصل على كلّ شيء بضغطة زرّ من حاسوبها الشخصي في منزلها حتى ولو احتاجت إلى علاقة حميمة أو شراء أي شيء من مستلزماتها، فهي تعيش حياة مستقرّة “إلى حدّ الاستفزاز هذا الاستفزاز المعرفي يدفعها أن تدخل إلى عوالم جديدة، عوالم المقبرة”، بحثاً عمّا هو مدهش أو إثرائي في حياتها، عبر أفكار سيلفيا، وهواجسها يطرح الكاتب الغفوري، قضية القضاء على مفهوم “الندرة والانتظار”، حيث تخاف سيلفيا في هذا العالم التكنولوجي أن تحصل على كلّ شيء، ومن ثم تفقد معنى الحرمان أو متعة الشغف الذي يمكن من خلاله أن تحصل على السعادة.18
3- المرأة الألمانية في الرواية العربية بعد مرحلة اللجوء لعام 2015
في هذه المرحلة وصل عدد كبير من الكُتّاب العرب إلى ألمانيا وخاصة من سوريا ضمن موجة الهجرة واللجوء الجماعي إلى أوروبا عامة، وألمانيا خاصة، حيث نشأت علاقات تواصل بينهم وبين أفراد المجتمع الألماني، اتسمت غالباً بطابعها الإنساني، بدأت السرديات الروائية العربية تأخذ من المجتمع الألماني، نماذج إنسانية لشخصيات نسوية متعددة، بحسب قرب الراوي منها وجوانب علاقته بها. رصدت هذه الروايات ملامح النساء اللواتي كنّ على تماس مباشر مع الراوي، مثل موظّفة مركز اللجوء، ومُعلمة اللُّغة الألمانية، والجّارة الطيبة، والزوجة، والصحفية، وغيرها، بعضها مُتخيّلة، وبعضها من لحمٍ ودمٍ. حيث دَأبَ الراوي هنا على خلع أفكاره وتصوراته الخاصة على الشخصيات التي أبدعها خياله، فيحمّلها أفكاره ومقولاته التي غالبها جلبها معه من مجتمعه العربي، وهي بمجملها قوالب شبه جاهزة، أو صور نمطية إذا صح التعبير، لتتكّون لديه “امرأة القول أو المرأة الفِكرة” وهذه الشخصية حمّالة الرؤيا، تنهض بالسرد الروائي وتسير به حسب مواقفها، ولعلّ ما يبرر هذه الحالة، هو بأن تجربة الكاتب الجديدة للعيش في المجتمع الألماني لا تزال في مرحلة التعرف، والاندهاش، والتكون، فيستسهل الكاتب العودة إلى مخزونه من تجربته الكتابية الطويلة في المجتمع العربي الذي وفد منه، ليستعير منها أساليب كتابة الرواية العربية، والأفكار والقيم النمطية حول المرأة الألمانية خاصة، والمرأة الأوروبية عامة، وكأننا نعيش حالة معكوسة من تاريخ الرواية العربية، فهي حالة غريبة إلى حدٍّ ما! فنحن أمام كاتب يمتلك أدوات الكتابة الأدبية ويجيد مهاراتها .. ولكنه بالمقابل ما زال يفتقر إلى عمق المحتوى المعرفي والعملي حول البنية الثقافية للمجتمع الجديد، فهو كما أسلفنا الذكر ما زال في مرحلة التعرف وبناء الخبرة حول البيئة الألمانية، وغالباً في مرحلة تعلم اللغة الألمانية المعروفة بصعوبتها، وكذلك محاولة جاهدة لقراءة النص الروائي الألماني، وفك طلاسم لغته الأدبية العالية. ويمكننا هنا أن نأخذ بعض هذه النماذج من الأعمال الأدبية لمرحلة ما بعد اللجوء الأخير لعام 2015م، لنحاول إلقاء الضوء على شخصية المرأة الألمانية كما صورتها هذه الروايات.
– فنأخذ أولاً شخصية “أنيا” في رواية “كوابيس مستعملة“، لعبد الله القصير: في هذه الرواية يستأجر اللاجئ عطايا منزلاً يتلمس فيه بقايا حياة امرأة سكنت البيت قبله، يتراءى له أنّها تعيش معه، يرسم الراوي ملامحها الجسمانية والنفسية والسلوكية، وهواجسها وسماتها القلقة من خلال شاشة ثلاثية الأبعاد، فهي واضحة جذابة في الأربعين تتراءى له وكأنها مدينة رحل سكانها عنها، تتصرف بعفوية، كلبها “تاوبي”، الذي يُسهم في تخفيف الكثير من توترها، تبكي كثيراً، تراودها أفكار الانتحار ونوبات الهستيريا، تتخيّل أنّ رجلاً يحاول اغتصابها. تطرح الرواية قضية العنف ضدّ المرأة من قبل الأبناء ضدّ أمهاتهم، “يدحضُ ذلك توقع عطايا بأنّه لم يجد يوماً نساء أوروبيات تعرّضن للضرب، لكن مع أنيا تتغير وجهة نظره .. كان ذلك بسبب اكتشافها ميولَهُ النازيّة، وانتماءه لهم، حيث صفعها عندما كان يشارك في مظاهرة معهم، وعندما رأته معهم في الشارع، حاولتْ أن تأخذهُ فضربها. على صعيد اللغة استطاع الراوي الدخول إلى عالم أنيا واستنطاقها، بحيث خرج الراوي من أزمة حديث أنيا باللغة العربية. ونجح في إسقاط ظلال شخصية أنيا “الرمز” على “ألمانيا” البلد، بشكلٍ عام وهواجسها ومخاوفها السياسيّة وما يدور في أروقة السياسة حول قضية اللاجئين وصعود حزب البديل، الذي اعتبره البعض، صفعة لألمانيا من الداخل.19
في هذه المرحلة وصل عدد كبير من الكُتّاب العرب إلى ألمانيا وخاصة من سوريا ضمن موجة الهجرة واللجوء الجماعي إلى أوروبا عامة، وألمانيا خاصة، حيث نشأت علاقات تواصل بينهم وبين أفراد المجتمع الألماني، اتسمت غالباً بطابعها الإنساني، بدأت السرديات الروائية العربية تأخذ من المجتمع الألماني، نماذج إنسانية لشخصيات نسوية متعددة، بحسب قرب الراوي منها وجوانب علاقته بها
– ثانياً شخصية المرأة “الصحفيّة والإعلاميّة”، إذ تتحدّث رواية “ملاذ العتمة”، لضاهر عيطة، عن امرأة ألمانية تعيش في مقاطعة (Erzgebirge) مع رجل سوري، يرسم الراوي خيوط هذه الشخصية من زاوية اهتمامها بالشرق وبموضوع الهجرة السورية؛ “سيلينا” امرأة تسير وفق أفكارها واهتمامها، فيُرجع الراوي ذلك إلى عُقد مترسّبة في طفولتها ” كانت وحيدة في البيت أثناء عمل والديها، تملأ فراغها بالطعام، في المدرسة، يسمونها بالكرة المنتفخة، كانت تعضّ زملاءها حين يتنمرون عليها، فيما بعد صارت تشتري الدمى، تقارن بينها وبين شكلها السابق فتكسِّرها.. درست اللغة العربية في برلين، ورافقت جدّتها عندما كانت طفلة إلى بغداد وسوريا، وهي مُهتمة باللغات والثقافات والسياسة. تنطلق من فضولها، لتعرف لماذا يعبر اللاجئون البحر؟ تعيش تحت وطأة ذنب أنها لم تنقذ عائلة سورية في رحلة البحر. تتعرّف إلى عاطف إمام الجامع الدمشقي الموالي للنظام الحاكم، تساعدهُ في الوصول إلى ألمانيا، فتفرشُ له البيت بديكور شرقي لأنّها مسكونة بهواجس الشرق، تحاول أن تعيش الحكايات التي تسكن مخيّلتها، فينعكس ذلك على لباسها وطعامها وعلاقتها بعاطف. وهي تعيش انفصاماً بين السنوات الأربع التي عاشتها في سوريا وبين حياتها كامرأة ألمانية، فلا تستطيع أن تعيد التوازن إلى عواطفها وعقلها “تدور بين التسليع والإنسانية، تشتهي أن تقوم بما تقوم به المرأة الشرقية، لكنها ترتد إلى ذاتها الألمانية فتعود ثابتة الخطوات، واثقة بنفسها هادئة الأعصاب، تمارس حياتها الاقتصادية بإدارة مصنع ورثته عن جدها. في الرواية لم نلمح لها أي وصف جسدي، مما يجعلها في إطار الأنثى “الفِكرة” وصوت الراوي هو الذي يطغى على السرد.
– نموذج ثالث للمرأة الألمانية، شخصية “بريجيت”، التي تسكُن عندها اللاجئة السورية غفران، هي امرأة في غاية اللطف، تصنع لها قطعة الحلوى، تساعدها في حلّ وظائفها، لها نظامها الخاص في البيت، تحسب لها مصروفها، إدارية واعية، تقول لغفران إنّ ثمن دخانها والنبيذ، يُطعم عشر أسرٍ سورية، بريجيت في عينيها غضبٌ حنونٌ وغفران خوف على صحتها ونقودها. 20
– أما النموذج الرابع، فهو شخصيّة “يوليا” في رواية “تشريح الرغبة” للروائية والشاعرة المغربية ريم نجمي،21 في هذه الرواية تُقدم شخصية “يوليا”، على أنها صحفيّة وإعلامية ألمانيّة، مهتمّة بالشأن الثقافي، تتحدّث اللغة العربية وتترجم نصوصاً إبداعية. تنهار حياتها الزوجية مع زوجها المغربي، بعد ربع قرن، هي الآن على مشارف الخمسين، و”تجد نفسها بلا صديق بلا زوج بلا أطفال”، تعيش إرهاصات أزمة منتصف العُمر. لها عين ثاقبة، تحبّ الفرح والحياة، تتقن أكثرَ من لغة، لديها ثقافتها الجنسيّة المُبكرة الواعية، تمتاز بالعفويّة والمرح، جريئة مُفعمة بالحياة. لديها “الوعي في اقتناص اللحظة”، فَتُقَبّل عادل لحظة انهيار جدار برلين، تفكّر في إدارة أزماتها بعقلانية، وخاصة فيما يتعلّق بقضيّة الطلاق والقضايا المالية وطرائق تجاوز الأزمة عن طريق مؤسسات تساعد المرأة في النهوض من جديد. ذات ذاكرة حديدية، تعرف القوانين الألمانية، تعمل لتكون مستقلة في حياتها، استطاعت تجاوز أزمة طلاقها واستقلت بذاتها، جسمها جميل متناسق تتقن السباحة، تمارس رياضة الجري، ولأنّها تعتقد أن “الألمان آخر من سيموت على هذه الأرض”، تقولُ “ما زلت جميلة كما كنت من قبل، وسأبقى كذلك حتى أغمض عيني إلى الأبد.. ما زال جسدي غصناً أخضر قادراً على العطاء”، تسافر إلى أمكنة تساعدها في نسيان خيباتها، فسافرت إلى المغرب حيث عُقدة الحبل التي ربطتها بعادل لا يمكن فكها إلا هناك، وهذا يدل على “عمق التفكير”.22
– النموذج الخامس، أو علاقة المرأة الألمانية “بالكلب”: تناولت الأعمال الروائية العربية العلاقة مع الكلب ضمن سياقات مختلفة لكن من خلال أدبيات سردية “يكون الكلب فيها على مسافة من الإنسان”، أما في رواية “جمهورية الكلب“! فيفرد الكاتب إبراهيم اليوسف مساحة كبيرة لتلك العلاقة من زاوية مختلفة، فالراوي رجل سوري يلجأ إلى ألمانيا، تشاركه امرأةٌ ألمانية أربعينية ناضجة دوراً رئيساً في الرواية، كانت المرأة في عشرينات عمرها حين مات زوجها في العراق، وعادت بعد موته إلى وطنها ناوية ألا تتقاسم حياتها من جديد سوى مع كلبها، الأكثر وفاء لها من أي إنسان.. يرسمها الراوي امرأة من لحمٍ ودم ومشاعر، ساعدته أول وصوله في ترتيب حياته في بلد اللجوء واهتمت بشؤونه. تجرحها حقيقة أن هذا الرجل المُسلم يعتبر، وفقاً لمرجعه الديني، أنّ لمس الكلب نجاسة لا يطهّرها سوى الماء والتراب؛ إلا أنها تفهمت قناعته واحترمتها، وظلت على مدار الرواية تحاول التوفيق بين حرصها على صداقته، وبين تعلّقها بكلبها الذي كره صديقها.. يمتلك الراوي وحده زمام السرد على مدار الرواية، ومن ثم لم نسمع صوت المرأة لنعرف منها إن كان هذا رأيها أم رأي الراوي وحده. يصفها الراوي بأنها امرأة رقيقة، عفوية، صادقة، ومهتمة بالشأن العام لبلدها وكثير من القضايا الإنسانية.. ورثت هذه المرأة عن جدّها مخطوطاً مهماً كتبه بنفسه، يسلّط الضوء فيه على فترة خدمته في الجيش أيام الحرب العالمية الثانية وشهد بعينه أحداثاً كثيرة، فوثقها في مخطوطه. لهذا أمروا بقتل كلبته العزيزة عليه، فأيقن الرجل بمصيره، وبسبب هذا المخطوط تعرّضت هذه المرأة لمحاولة قتل، وأول ما خافت عليه هو كلبها الذي علّمته كيف يهرب إلى بيت اللاجئ السوري، أي إنّها اختارته من بين جميع معارفها، وكان هذا الفعل دليلاً على علو ثقتها به وعدم عنصريتها.23
– النموذج السادس أو رواية “أوراق برلين”: يصور الكاتب نهاد سريس، شخصية المرأة الألمانية من جوانب متعددةٍ وعن طريق طرح نماذج مختلفة، فقد حفلت الرواية بعددٍ لا بأس به من الشخصيات النسائية تختلف كلّ شخصية عن الأخرى، بعض هذه الشخصيات كانت مسطّحة شكلانية، استخدمها الكاتب من أجل الدخول إلى مناطق مختلفة من المجتمع الألماني وقد استفاد من خبرته في العمل الدرامي المُتَلفَز باعتباره “سيناريست” سوري، فجاء تصويره لهذه الشخصيات مشهدياً خارجياً يحركها الراوي من بعيد عادة لا نسمع صوتها إلا من خلال الراوي العليم الذي يعرف كلّ التفاصيل ويرويها وإن كانت هذه الشخصيات تتحدث لغة أخرى. من هذه الشخصيات “كريستا” التي تهتم بالتصوير الفوتوغرافي، تسافر إلى كولومبيا لتصوير “الحيوانات البرية”! يروي قصتها دون تدخّل منها من خلال الاسترجاع عن طريق الصورة التي أهدته إياها، أفكارها يسارية جريئة في عملها المسرحي، في العشرين من عمرها، تعمل مخرجة مسرحية، تبادر في طلب النوم عند الراوي، هي تريد طفلاً وتحبّ رجلين في آن واحد! تبدو مزاجية، تمتلك زمام نفسها، تسعى نحو هدفها “الطفل”، لها أفقها الشخصيّ والمعرفي، تعاني من بَلادة صديقها “الألماني” لا تعرف من هو “أبو” ابنها فقد مارست الجنس مع “الراوي” ثم مع صديقها في اليوم التالي وقد “أنجبت طفلاً يشبه الرجلين”.. من جهة أخرى، تتطرق الرواية إلى النساء المثليّات من خلال شخصيتي “كاتيا” و”انتونيا”، ويصفهما الراوي بأنهما امرأتان لطيفتان، لم تبلغا الأربعين، تحبّان بعضهما بشدّة فالراوي، “لم يرَ مثيلاً لهذا الحب بين امرأتين مثليتين من قبل”. لديهما ثقافة سينمائية جيدة، تتقنان الاستماع والحوار. من خلال هاتين الشخصيتين تطرح الرواية قضية الإنجاب عند المثليين، فتطلب انتونيا من أخيها توماس أن يمارس الجنس مع حبيبتها كاتيا وبحضورها. فتنجبان طفلة، ويدخل الدفء إلى الأسرة، التي غدت “بأُمّين” أما فلورا: التي تعرّف إليها في النادي الليلي فمن اللقاء الثاني مصادفة استطاع أن يذهب إلى سريرها، هي امرأة حرّة بلا قيود، تعمل في مكتب للبورصة ساعاتٍ كثيرةً، لديها طفلة تسكن مع جديها، ليست سمينة ولا بدينة، جسمها ممتلئ، عيناها زرقاوان، دعته إلى بيتها دون مقدّمات، مارست معه الجنس، في درج سريرها الكثير من الواقيات الذكرية، رأى الراوي منطقة عانتها مرتبة بأناقة وعناية! وهي مُبادِرة، تطلب منه الجنس مرّة ثانية “لكنه يعتذر”، وقتها مرتّب ومنظم، لديها خُطّة يوميّة، بحيث تترك مجالاً لأمسياتها وفرحها، تحبّ الرقص والسفر وترى أنها الطريقة المثلى للالتقاء بالرجال، لا تحبّ موقع التعارف “تندر” بسبب المفاجآت الغريبة التي يحملها لها، فهي ترغب بالتعارف بشكل شخصي، تحكي له عن تجربتها مع رجل تمارس معه الجنس وتدفع له مقابلاً مادياً؛ لأن الحصول على حبيب في ألمانيا صعبٌ للغاية، لذلك تحوّلت فلورا إلى شخصية “سوبر فراو” حسب سرد الرواية! من الملاحظ بأن هذه الرواية تعيدنا إلى البدايات الأولى لظهور شخصية المرأة الألمانية في الرواية العربية، فهي بمثابة ارتداد سلبي في تاريخ الرواية، بوصفها تعيد حصر صورة المرأة الألمانية في إطار الجنس والمتعة، وبكونها تلك المرأة الأوروبية التي تلهث خلف “فحولة الرجل الشرقي” أو “تلك الفحولة التي يتوهم وجودها لديه”24، إن إعادة إنتاج هذه الصورة النمطية للمرأة الشهوانية التي تمنح جسدها لمن تصادفه في دربها وكأنها مصابة بداء سُعار الجنس، لأمر غريب للغاية، رغم تطور أدوات المجتمع من حولنا، وسعة الاحتكاك بين الثقافات الإنسانية، إلا أن الراوي ما زال يلهث خلف خيالاته لتطغى “عقدة اللوبيدوا أو الجنسانية”، على الطرح الذي تناول به شخوصه النسوية الألمانية في روايته، مما يعيدنا إلى مرحلة زمنية مر عليها قرابة قرن من التطور، في العلاقة مع الآخر، منذ ظهرت صورة المرأة الألمانية بوصفها موضعاً للجنس والشهوانية مع رواية “نهم”، عام 1936م، مع الملاحظة بأنه في رواية “أوراق برلين” تأتي المشاهد الجنسيّة بصورة مشهديه مباشرة وفجّة، من جهة آخرى من المعروف أن المرأة الألمانية في العادة لا تحكي عن تجاربها السابقة، مما يوحي بأن السرد منفصل إلى حدّ ما عن واقع الشخصيات التي تم تناولها في الرواية، لتبدو شخصيات سطحية صوريّة لا أكثر.25
– النموذج السابع: من الشخصيات الأخرى التي تطرّقت إليها الرواية العربية الحالية في ألمانيا، هي شخصيّة “المُعالجة النفسية” أو “المساعدة الاجتماعية”، إذ إنّ هذه الشخصية شكلّت حضوراً في عالم السرد الروائي الجديد لارتباطها بالبعد الإنساني والاجتماعي والعاطفي. ففي رواية “وشمس أطلّت على ديارنا الغريبة” تطرح الكاتبة الفنانة يارا وهبي، دور المحللة النفسية “كريت” من خلال معاناة الأطفال السوريين الصغار الذين أتوا إلى ألمانيا دون مرافق، حيث برز دور “كريت” التي تعمل على تخليص الأطفال من آثار الحرب، تبذل جهدها من أجل مساعدة الطفل “رامي”، حيث تقدّم لنا وهبي، هذه الشخصية كمثال للكثير من الألمان الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية أخلاقية ونفسية كبيرة، بتقديم الدعم النفسي الحقيقي للاجئين. فقد خبرت كريت أثر الحرب، من خلال “الأجداد الألمان”، الذين عاشوا هذه التجربة القاسية ونقلوها إليهم من خلال السلوك أو التعامل أو ملامح الوجوه. جاءت شخصية “كريت” ناضجة ترتكز، على بعدها الماضوي من خلال وعيها بخطورة وجود بقايا آثار الحرب في نفوس الأطفال، وتعمل من أجل مستقبل آمن للأجيال القادمة، هذه الشخصية عادة ما تعطي جرعة أمل من خلال فاعليتها وخبرتها العملية في حماية الأطفال26.
-النموذج الثامن: رواية “بحثاً عن كرة الصوف”، للكاتبة روزا ياسين الحسن، وفي روايتها تعالج قضية اللاجئين وهي تبقى في ذات السياق الإنساني العام، “فمريام شميت” الناشطة اليسارية المتطرفة، تقف إلى جانب هديل السورية وتساعدها في أزمتها النفسية، بل تنتقل لتسكن معها وتكون قريبة منها تشاركها أفكارها وآلامها وتشرف على علاجها. كذلك شخصية “آنيا شيرر”، التي توزّع المعونات في الشوارع على المشردين، وتجمع التبرعات للمتضررين في الدول النامية، إذ إنها ترى أن السعادة في التضامن.27 نلاحظ تكرار موضوع مثل هذه الشخصيات ذات النشاط الاجتماعي أو التطوعي التي تقدم المساعدات للمهاجرين أو اللاجئين، ونجدها في روايات أخرى مثل شخصية معلمة المدرسة “لينا هوفمان” ومدربة مادة التسوق “فراوكة شنايدر” في رواية “طريق النهايات” لـ علي وحيد.28 وكذلك نلاحظ وجود شخصية المرأة “المسنّة” التي عاصرت الحرب العالمية الثانية، لتعيد سرد ذكرياتها على مسامع اللاجئ بما تختزنه هذه الحكايا من بعد إنساني من خلال الهجرة والنزوح والألم، وقد كانت هذه الشخصيات توصيلية ثابتة، تؤدي دورها في السرد من خلال ربط الماضي بالحاضر، وهي لا تتطور في عتبة السرد؛ لأنها محكومة بفكرة النقل من نقطة ثابتة، كما في شخصيّة “هيلدا” في رواية أوراق برلين و”المرأة الغريبة” في رواية “وشمس أطلت على ديارنا الغريبة”. من خلال هذه الشخصيات التي حفل بها السرد الروائي العربي، ثمة نقاط وتساؤلات يمكن الوقوف عندها:
القسم الأكبر من هذه الشخصيات فضاؤها الروائي العاصمة “برلين”، وبعض هذه الشخصيات على اتصال بالثقافة العربية واللغة العربية.
كان الجيل المخضرم من الكتاب هو الأكثر حيادية، وإلماماً ومعرفة بشخصية المرأة الألمانية، أمّا المرحلة الأخيرة “اللجوء” فقد اتسمت بالتعاطي العاطفي، والانفعالي مع شخصية المرأة، وغير ذلك الكثير من الأسئلة التي تفتح هذه الدراسة بابها وتقدمها للنقد ومتابعة البحث، وبالمحصلة يؤكد ذلك على انفتاح الرواية العربية على زوايا وقضايا اجتماعية جديدة تُسهم في فهم الآخر، وإن كانت هذه النماذجُ التي كُتبَ عنها إلى اليوم نماذجَ انتقائية في غالب الأحيان، لكنها قابلة للتوسع مع كل عملّ سردي عربي يصدر في ألمانيا.
المصادر:
١- الخطيب، حسام: الأدب المقارن، ط1. سورية، جامعة دمشق، ج2، ت. 1982، ص51. نقلًا عن بحث د. أحمد سيف الدين، بحث صورة المرأة الأوروبية في روايات د. شكيب جابر- مجلة جامعة دمشق، مجلد 18، ع1، ت. 2002، ص1-25.
٢- الجابري، شكيب: رواية نهم، ط1. سورية، دار اليقظة، دمشق، ت. 1937م.
٣- مصطفى، شاكر: محاضرات عن القصة السورية، ط1. مصر، معهد الدراسات العربية، القاهرة، ت. 1958، ص401-413، (نقلاً عن مرجع رقم: 1).
٤- المرجع السابق نفسه.
٥- الجابري، شكيب: رواية قدر يلهو، ط1. سورية، دار اليقظة، دمشق، ت. 1939م.
٦- صنع الله إبراهيم: رواية “برلين 69″، ط1. مصر، دار الثقافة الجديدة القاهرة، ت. 1969م.
٧- شباط، عبد الحكيم: حكايات شرقية من برلين، ط1، الكويت، دار ناشري، ت. 2010م.
٨- انظر ندوة أدبية مع الكاتب، في مؤسسة ابن رشد للفكر الحر، برلين، ت. 2017م.
٩- شباط، عبد الحكيم: في قريتي فقد العجوز، ط1، سورية، دار الشيخ للطباعة والنشر، دمشق، ت. 1997م.
١٠- شباط، عبد الحكيم: قلوب مُحطمة، سورية، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، ت 1996م.
١١- انظر الكاتب المغربي عزيز غنيم، موقع قنطرة، مقال نقدي بعنوان: “رواية عن عوالم جالية مسلمة في برلين”، تاريخ النشر: 24/2/2019م.
١٢- شباط، عبد الحكيم: رواية شارع بودين، ط1. ألمانيا، دار الدليل للنشر والتوزيع، برلين، ت. 2017م.
١٣- شباط، عبد الحكيم: رواية حي نوليندورف، ط1. ألمانيا، دار الدليل للنشر والتوزيع، برلين، ت. 2020م.
١٤- شباط، عبد الحكيم: رواية أيزات، ط1. ألمانيا، دار الدليل للنشر والتوزيع، برلين، ت. 2021م.
١٥- انظر مقال الكاتبة المصرية الدكتورة أماني الصيفي، المنشور في القدس العربي، بعنوان: “رواية أيزات.. الهجرة وأحلام الثراء في المجتمعات المخملية”، تاريخ النشر، 9/11/ 2021م.
١٦- حمد، أمير: مجموعة قصصية، بعنوان “طريق برليني”، ألمانيا، دار الدليل للنشر والتوزيع، برلين، ت. 2013م.
١٧- حمد، أمير: رواية نانجور، ط1 ألمانيا، الدليل للنشر والتوزيع، برلين، ت. 2022م.
١٨- الغفوري، مروان رواية، طريق الحوت، دار أزمنة للنشر والتوزيع، عمان ت. 2018م.
١٩- القصير، عبد الله: رواية كوابيس مستعملة، ط1، الأردن، دار فضاءات للنشر والتوزيع عمان، ت. 2019م.
٢٠- عطية، ظاهر: رواية ملاذ العتمة، ط1. تركيا، دار موزاييك للطباعة والنشر، إسطنبول، ت. 2021م.
٢١- المحرر: ربما تكون رواية ريم نجمي قد صدرت مؤخراً للعام 2022م، وفي سياق روايات ما بعد اللجوء للعام 2015م، ولكن للتوضيح، فإن الكاتبة تنتمي إلى كُتّاب المرحلة الثانية من تاريخ الرواية العربية في ألمانيا أو ما أسماه الأستاذ موسى الزعيم بمرحلة “الرواية المخضرمة”، والمراد هنا من ناحية خبرات الكاتبة في الحياة الأدبية، والإعلامية، والثقافية في المجتمع الألماني.
٢٢- نجمي، ريم: رواية تشريح الرغبة، ط1. الدار المصرية اللبنانية ط1، دار القاهرة، ت. 2022م.
٢٣- اليوسف، إبراهيم: رواية جمهورية الكلب، ط1. الأردن، دار خطوط وظلال عمان، ت. 2022م.
٢٤- المحرر بتصرف.
٢٥- سيريس نهاد: رواية “أوراق برلين”، ط1، سورية، دار ممدوح عدوان للطباعة والنشر، دمشق، ت. 2021م.
٢٦- إسعاف وهبي، يارا: “وشمس أطلّت على ديارنا الغريبة”، ط1، فرنسا، مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، باريس، ت. 2022م.
٢٧- ياسين الحسن، روزا: “بحثا عن كرة الصوف، ثلاثة أيام في متاهة المنفى”، ط1 لبنان، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، ت. 2022م.
٢٨- علي، وحيد: طريق النهايات رحلة حنظل السوري من كولونيا إلى جنين، ط1، لبنان، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، ت. 2022م.
موسى الزعيم
كاتب، وأديب سوري، مقيم في ألمانيا، صدر له حتى الآن أربع مجموعات قصصية إلى جانب العديد من المقالات، والتقارير الإعلامية، له مساهمة شهرية في مجلة الدليل لتغطية أهم الإصدارات العربية الجديدة في ألمانيا، وهو حاصل على جائزة وزارة الثقافة السورية في مجال القصة القصيرة لمرتين.