• العربية
  • Deutsch
No Result
View All Result
DIVAN Kulturmagazin
  • مجلة الديوان الثقافية
    • عن المجلة
    • هيئة التحرير
    • معايير النشر
  • الأعداد
    • All
    • #1 الوطن
    • #2 المرأة
    • #3 كانط
    مفهوم الشر عند كانط

    مفهوم الشر عند كانط

    كانط والحاضر العربي … عشرُ أطروحات

    كانط والحاضر العربي … عشرُ أطروحات

    كانط

    كانط

    كانط والإسلام أو (في حدود الكبرياء)

    كانط والإسلام أو (في حدود الكبرياء)

    ردّ كانط على ما بعد الاستعماريّة

    ردّ كانط على ما بعد الاستعماريّة

    كانط وراهنيته السياسية في العالم العربي

    كانط وراهنيته السياسية في العالم العربي

    كانط

    ما الذي بقي من قانون المواطنة العالميّة؟ كانط، العُنصريّة، ومقاومة الاستعمار

    الطبيعة الفنّانة العظيمة: التّاريخ، الحرب والسّلام عند كانط

    الطبيعة الفنّانة العظيمة: التّاريخ، الحرب والسّلام عند كانط

    منزلة التَّربية الكانطيّة ودورها في الفكرِ العربيِّ المُعاصر

    منزلة التَّربية الكانطيّة ودورها في الفكرِ العربيِّ المُعاصر

    كابوس أو مجال للمناورة! النساء الرّوبوت في الأدب المكتوب بالألمانيّة بداية القرنين العشرين والحادي والعشرين

    كابوس أو مجال للمناورة! النساء الرّوبوت في الأدب المكتوب بالألمانيّة بداية القرنين العشرين والحادي والعشرين

    يومياتي مع كتابة رواية “خيط البندول”

    يومياتي مع كتابة رواية “خيط البندول”

    ما وراء الحريم والسياسة في رواية “روح النهر” للروائية السودانية ليلى أبو العلا

    ما وراء الحريم والسياسة في رواية “روح النهر” للروائية السودانية ليلى أبو العلا

    آنا ماري شيمل، ما بين التَّصوف وعلم الجمال. رؤيةٌ رائدةٌ واسترشاديّةٌ إلى الإسلام

    آنا ماري شيمل، ما بين التَّصوف وعلم الجمال. رؤيةٌ رائدةٌ واسترشاديّةٌ إلى الإسلام

    الزير العارف بالنساء

    الزير العارف بالنساء

    الحجارة ليست عثرات، بل هي أساس لِبناء جسر العبور

    الحجارة ليست عثرات، بل هي أساس لِبناء جسر العبور

    المرأة الوافدة ورحلتها في دوحة الأحلام رواية “أيزات” نموذجاً

    المرأة الوافدة ورحلتها في دوحة الأحلام رواية “أيزات” نموذجاً

    رابعة العدوية شاعرة العِرفان الفِطريّ

    رابعة العدوية شاعرة العِرفان الفِطريّ

    صورة المرأة الألمانيّة في الرواية العربية / دراسة تحليلية

    صورة المرأة الألمانيّة في الرواية العربية / دراسة تحليلية

    نبويّة موسى وتعليم المرأة

    نبويّة موسى وتعليم المرأة

    لماذا يمثّل خطاب الكراهيّة عنفاً حقيقيّاً؟ وكيف يمكننا وقفه؟

    لماذا يمثّل خطاب الكراهيّة عنفاً حقيقيّاً؟ وكيف يمكننا وقفه؟

    • #1 الوطن
    • #2 المرأة
    • #3 كانط
  • الديوان – البيت الثقافي العربي
  • الديوان سنتر
  • تواصل معنا
DIVAN Kulturmagazin
  • مجلة الديوان الثقافية
    • عن المجلة
    • هيئة التحرير
    • معايير النشر
  • الأعداد
    • All
    • #1 الوطن
    • #2 المرأة
    • #3 كانط
    مفهوم الشر عند كانط

    مفهوم الشر عند كانط

    كانط والحاضر العربي … عشرُ أطروحات

    كانط والحاضر العربي … عشرُ أطروحات

    كانط

    كانط

    كانط والإسلام أو (في حدود الكبرياء)

    كانط والإسلام أو (في حدود الكبرياء)

    ردّ كانط على ما بعد الاستعماريّة

    ردّ كانط على ما بعد الاستعماريّة

    كانط وراهنيته السياسية في العالم العربي

    كانط وراهنيته السياسية في العالم العربي

    كانط

    ما الذي بقي من قانون المواطنة العالميّة؟ كانط، العُنصريّة، ومقاومة الاستعمار

    الطبيعة الفنّانة العظيمة: التّاريخ، الحرب والسّلام عند كانط

    الطبيعة الفنّانة العظيمة: التّاريخ، الحرب والسّلام عند كانط

    منزلة التَّربية الكانطيّة ودورها في الفكرِ العربيِّ المُعاصر

    منزلة التَّربية الكانطيّة ودورها في الفكرِ العربيِّ المُعاصر

    كابوس أو مجال للمناورة! النساء الرّوبوت في الأدب المكتوب بالألمانيّة بداية القرنين العشرين والحادي والعشرين

    كابوس أو مجال للمناورة! النساء الرّوبوت في الأدب المكتوب بالألمانيّة بداية القرنين العشرين والحادي والعشرين

    يومياتي مع كتابة رواية “خيط البندول”

    يومياتي مع كتابة رواية “خيط البندول”

    ما وراء الحريم والسياسة في رواية “روح النهر” للروائية السودانية ليلى أبو العلا

    ما وراء الحريم والسياسة في رواية “روح النهر” للروائية السودانية ليلى أبو العلا

    آنا ماري شيمل، ما بين التَّصوف وعلم الجمال. رؤيةٌ رائدةٌ واسترشاديّةٌ إلى الإسلام

    آنا ماري شيمل، ما بين التَّصوف وعلم الجمال. رؤيةٌ رائدةٌ واسترشاديّةٌ إلى الإسلام

    الزير العارف بالنساء

    الزير العارف بالنساء

    الحجارة ليست عثرات، بل هي أساس لِبناء جسر العبور

    الحجارة ليست عثرات، بل هي أساس لِبناء جسر العبور

    المرأة الوافدة ورحلتها في دوحة الأحلام رواية “أيزات” نموذجاً

    المرأة الوافدة ورحلتها في دوحة الأحلام رواية “أيزات” نموذجاً

    رابعة العدوية شاعرة العِرفان الفِطريّ

    رابعة العدوية شاعرة العِرفان الفِطريّ

    صورة المرأة الألمانيّة في الرواية العربية / دراسة تحليلية

    صورة المرأة الألمانيّة في الرواية العربية / دراسة تحليلية

    نبويّة موسى وتعليم المرأة

    نبويّة موسى وتعليم المرأة

    لماذا يمثّل خطاب الكراهيّة عنفاً حقيقيّاً؟ وكيف يمكننا وقفه؟

    لماذا يمثّل خطاب الكراهيّة عنفاً حقيقيّاً؟ وكيف يمكننا وقفه؟

    • #1 الوطن
    • #2 المرأة
    • #3 كانط
  • الديوان – البيت الثقافي العربي
  • الديوان سنتر
  • تواصل معنا
No Result
View All Result
DIVAN Kulturmagazin
No Result
View All Result
  • العربية
  • Deutsch

مفهوم الشر عند كانط

هانس مارتن دوبر

19. أغسطس 2025
Reading Time: 2 mins read
A A
Share on FacebookShare on Twitter

1. بِالنَّظرِ إلى ترنسندنتالية نظرية المعرفة يمكن الحديث عن تحوّل كوبرنيكيّ في تفكير كانط، فمجرد إحالة هذا القول من مجال الفيزياء الفلكيّة إلى نظريّة المعرفة فإنّ الأمر يستدعي وجود تشابه باعتباره عُنصرًا مقارنًا مشتركًا، وهو أنّ استكشاف العالم، القائم على القدرات المعرفيّة البشرية، مدين مطلقًا لقدرة العقل. وينطبق هذا الأمر على الإدراك بأنّ الأرض تدور حول الشَّمس وليس العكس، وكذلك على “المسار الآمن للعلم” بشكل عامّ1. 

تحميل المقال

ويعتمد هذا المسار على الخبرة التي يفهمها كانط على أنّها “نوع من المعرفة” التي “يجب أن أفترض قاعدتها في داخلي، حتى قبل أن أُعطى الأشياءَ، ومن ثم افتراضها بشكل بدهيّ (KrV, B XVII). فمجرّد فكرة أنّ الافتراضات البدهيّة تُعلّل المعرفة، فإنّ ذلك يضع العادات التقليديّة في التفكير والتفسير وفهم الظواهر على بساط الشكّ.

وعلى الرغم من أن مصطلح التحوّل الكوبرنيكيّ قد أضحى متداولًا بعد مقدّمة الطبعة الثانية لكتاب “نقد العقل الخالص” (KrV B XVI و B XXII) فإنّه يمكن استخدامه بشكل مجدٍ أيضًا فيما يتعلّق بمسائل الفلسفة الأخلاقيّة واللاهوت، طالما أنّها متداخلة مع الميتافيزيقيا التقليديّة قبل كانط؛ وذلك لأنّ الاستكشاف الذاتيّ للإنسان ككائن أخلاقيّ مدين أيضًا لإنجاز العقل العمليّ. فالمبادئ الأخلاقيّة نُقلت فعلًا في أشكال وقواعد سرديّة، مثل الوصايا وقصص الكتاب المقدّس. غير أنّه إذا أراد المرء اِشتقاق قانون الأخلاق من العقل العمليّ وحده، كما هو الحال لدى كانط، فالأمر يتطلّب “وضع الأسس” من خلال ذات تخدم هذا العقل2. ومن دون أخذ هذه الذات نفسها بجديّة كافية فيما يتعلّق باستخدامها للعقل والفهم، فلن يكون هناك أيّة معرفة بالعالم والإنسان، وكذلك لن يكون هناك تقييد ذاتيّ لهذه المعرفة.

بِالنَّظرِ إلى ترنسندنتالية نظرية المعرفة يمكن الحديث عن تحوّل كوبرنيكيّ في تفكير كانط، فمجرد إحالة هذا القول من مجال الفيزياء الفلكيّة إلى نظريّة المعرفة فإنّ الأمر يستدعي وجود تشابه باعتباره عُنصرًا مقارنًا مشتركًا، وهو أنّ استكشاف العالم، القائم على القدرات المعرفيّة البشرية، مدين مطلقًا لقدرة العقل.

ينصبّ هذا التقييد الذاتيّ على أسئلة الميتافيزيقيا التي كان على العقل النظريّ أن يتخلّى عنها، لأنّه لم يكن قادرًا على الإجابة عنها؛ إلا أنّه، في حين ترتفع الميتافيزيقيا في هذا المجال “فوق أيّ تعليم يعتمد على الخبرة” (KrV, B XIV)، فإنّ العقل العمليّ يقرّ لها بوظيفة وأهميّة دائمة في أسس الأخلاق. ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح هنا في المفهوم الموجّه للحريّة، والذي “على الرغم من أنّه لا يحتوي على شيء خارق للعادة في مفهومه، إلا أنّه يبقى من حيث إمكانيّة فهمه […] غير قابل للفهم […] تمامًا مثل المفهوم الخارق للطبيعة الذي يرغب المرء في قبوله بديلًا للتحديد التلقائيّ غير الكامل”3. فالحريّة ليست ظاهرة تحدث في العالم كالظواهر الأخرى، بل يجب افتراضها كفكرة من أجل التمكّن من تأسيس الأخلاق بطريقة نقديّة.

وتسري هذه القناعات التوجيهيّة على فلسفة كانط في الدين التي تسعى إلى ترجمة الإيمان الكنسيّ القائم على الوحي المتوارث– وبشكل أكثر تحديدًا في الكتابات الدينيّة المتأخّرة- ونقله إلى إيمان دينيّ خالص4. وكما هو معروف فإنّ كانط يحقّق هذه الترجمة عن طريق إظهار أمرين: فمن ناحية أولى، كيفيّة اعتبار الواجبات الناتجة عن القانون الأخلاقيّ كـ”وصايا إلهية”5. ومن ناحية أخرى، كيفيّة فهم الوصايا الإلهية التقليديّة الصادرة عن الله، كونه “المُشرّع الأخلاقيّ”، على أنّها “واجبات حقيقيّة”6. فالأمر يتعلّق بعمليّة ترجمة متبادلة بين التقليد الدّينيّ الوضعيّ والقانون الأخلاقيّ بطريقة الأمر المطلق الذي يُولَّد بدهيًّا من العقل العمليّ الخالص قبل أيّة تجربة قراءة لهذه النُّصوصّ، تحت شروط الحريّة ووفقًا لمنهج استقلاليّة (القانون الأخلاقي)7. فِي سياق عمليّة التَّرجمة هذه تطلّبت أيضًا العقيدة المسيحيّة التّقليديّة المتوارثة فِي مفهومها حول الشرّ مُعالجة خاصّة بها. يرى كانط هذه الصُّعوبة مناسبة لإعادة فحص أُسس الفعل الحرّ، كما تناولها في فلسفته العمليّة. باختصار: يؤدّي ذلك إلى استنتاج مفاده أنّ الإنسان ليس بالضرورة أن يقوم بفعل الخير وفقًا للرؤيّة العقلانيّة الصّائبة، بل يمكنه أيضًا أن يقوم بفعل الشرّ بحريّة في مواجهة كلّ حكم أفضل8.

2. ولكي نفهم هذه المرحلة مِن التَّأمل بدقّة أكبر لا بدّ لنا من أن نُعرج مرّة أخرى على التحوّل الذي أجراه كانط في الميتافيزيقيا. فهذا التحوّل- كنتيجة للتحوّل العمليّ للميتافيزيقيا– شمل أيضًا التعاليم التقليديّة حول الشرّ، وبمجرد إلقاء نظرة سطحيّة على هذا التّقليد، كما لخّصه لايبنتس بشكلٍ كبيرٍ، يتسنّى لنا إدراك الصّدمة التي ربّما أحدثتها تعاليم كانط عن الشرّ الجذريّ لدى العديد من المتلقّين، إذ إنّ تفسيره الأخلاقي للشرّ يستلزم نقدًا لمفهوم الثيوديسيا أو نظريّة العدالة الإلهيّة.

وفقًا للايبنتس هناك ثلاثة أنواع من الشرّ التي تُفسر كلّ مُعاناة العالم: يمكننا أن نفهم الشَّر ميتافيزيقييًّا أو بدنيًّا أو أخلاقيًّا، فالشرّ الميتافيزيقيّ يتمثّل في النَّقص البسيط؛ والشرّ البدنيّ في الألم؛ والشرّ الأخلاقيّ في الخطيئة.

وفقًا للايبنتس هناك ثلاثة أنواع من الشرّ التي تُفسر كلّ مُعاناة العالم:

“يمكننا أن نفهم الشَّر ميتافيزيقييًّا أو بدنيًّا أو أخلاقيًّا، فالشرّ الميتافيزيقيّ يتمثّل في النَّقص البسيط؛ والشرّ البدنيّ في الألم؛ والشرّ الأخلاقيّ في الخطيئة. وعلى الرَّغم مِن أنَّ الشرّ البدنيّ والأخلاقيّ ليسا ضروريين، فإنَّ إمكانيّتهما تُعدّ كافية نتيجة للحقائق الأبديّة. وبما أنّ هذه المنطقة الهائلة مِن الحقائق تضمّ جميع الإمكانيّات، فمن الواجب وجود عدد لا نهائيّ من العوالم الممكنة، ويجب أن يدخل الشرّ في العديد منها، بل إنّ أفضلها حتّى، يجب أن يحتويه الشرّ. هذا الأمر هو الذي جعل الله يقرّر السَّماح بوجود الشرّ”9.

يحاول لايبنتس في “أفكار حول الانسجام” حلّ المشكلة الثلاثيّة المتمثّلة في عدم كمال العالم، وفي حتميّة الألم في التجربة البدنيّة، وفي سقوط الإنسان في الخطأ، الذي يمكن ملاحظته بشكل متكرّر من ناحية تجريبيّة (حتى من خلال التأمّل الذاتيّ). فكلّ شيء في العالم الذي خلقه الله يجب أن يتوافق مع الإنسان المخلوق أيضًا، بحيث يتمّ كذلك تضمين السلبيّ، والآخر، والمسبّب للإزعاج. وفي استعارة من الموسيقى: تتحلّل التنافرات في انسجامات، وتحصل بدورها على بنيتها وشكلها (وأيضًا على جلالها وجمالها) من خلال المرور عبر هذه التنافرات.

كيف تعامل كانط مع هذا الافتراض الميتافيزيقيّ؟ فالثيوديسيا أو العدالة الإلهيّة التي تعتمد على انسجام العالم– التي هي أيضًا فكرة عن الانسجام التي ما تزال تحمل مفهوم الله– تخضع لمجهر النقد لدى كانط.

“يتمّ فهم الثيوديسيا بأنّها الدفاع عن الحكمة العليا لخالق العالم ضدّ الاتّهامات التي يوجّهها العقل إليه من خلال ما هو مخالف للغرض في العالم. يُطلق على هذا الدفاع اسم “الدفاع عن الله”، على الرغم من أنّه في الواقع لا يعدو كونه دفاعًا عن عقلنا المتغطرس الذي لا يدرك حدوده”10.

هناك جانبان جديران بالملاحظة هنا: فمن ناحية يتعرّض العقل دومًا لخطر مزدوج: فهو يبالغ في تقدير نفسه (عندما يتعلّق الأمر بتفسير العالم نظريًّا)، ومن ناحية أخرى يقلّل من قيمته (عندما يتعلق الأمر بالتوجيه العمليّ للسلوك)؛ ولذا فإنّ استخدام العقل البشريّ يتطلّب جهدًا لا نهاية له من النقد. وبعبارة أخرى: إنّ الفلسفة وفقًا لكانط لا تنتقد فقط الدُّوغمائيّات التقليديّة أو الناشئة حديثًا (التي لا تفتقر إليها الحداثة)، بل هي تنتقد نفسها أيضًا.

من جهة أخرى ليس من الممكن فهم تأمّلات كانط حول إخفاق جميع المحاولات الفلسفيّة في الثيوديسيا إلا إذا استندت إلى القناعة التالية: “ليس على الله أن يبرّر نفسه أمام محكمة الفهم البشريّ، بل يجب على الإنسان أن يبرّر نفسه أمام الله”11.

ويتبع كانط مارتن لوثر بوضوح فيما يتعلّق بهذا التحوّل في مسألة التبرير، إلا أنّه يحوّل أيضًا عقيدة “عبر النعمة وحدها” في التعاليم البروتستانتيّة الإصلاحية عبر لاهوته الأخلاقيّ، فهذا اللاهوت الأخلاقيّ لا يسمح للإنسان بالهرب من مسؤوليّته بواسطة وعي مفرط بالنعمة، بل الأمر يعتمد على قوّة الإرادة، إن أراد الإنسان إثبات نفسه جديرًا بالعطيّة التي مُنحها، وهي 12. ومن ثم فإنّ “وسائل النعمة”13الكنسيّة التي من المفترض أن تساعد الإنسان في ضعفه وسقوطه (وتشمل التوجّه إلى الكنيسة، والمشاركة في الأسرار المقدّسة والصلاة)14لا تستحق الذكر في الأجزاء الرئيسة من فلسفة كانط الدينيّة، بل تُذكر فقط في “الملحقات” أو “النشاطات الجانبيّة”15.

لقد وضع كانط “الخير والشرّ حصرًا في الإنسان”17، باعتباره الكائن الذي في وسعه التمييز بينهما، وأكثر من ذلك: يمكنه تقديم تفسير لمعايير هذا التمييز

لا تمثّل اللُغة والطُّقوس والرُّموز المتعلّقة بـ “الدين الممارس” مجرّد ثغرة16في اللاهوت الأخلاقيّ لكانط، فما يهمّه أساسًا هو أن يلتزم الإنسان بقانون الأخلاق الذي أسّسه بنفسه، ويبرّره من خلال تفكيره الخاصّ. بهذا المعنى يمكن الحديث، في إطار نقد كانط للميتافيزيقيا، عن تحول كوبيرنيكيّ من الثيوديسيا (العدالة الإلهيّة) إلى الأنثروبوديسيا (تبرير الإنسان للشرور التي صنعها الإنسان).

3. كيف تتجلّى عمليّة التحوّل هذه إن وضعنا بعين الاعتبار تعاليم كانط حول الشرّ المتجذّر، التي طوّرها في بدايات مخطوطه حول الدين في شكل مكثّف لصهر وتغيير التقليد المسيحيّ؟ لقد وضع كانط “الخير والشرّ حصرًا في الإنسان”17، باعتباره الكائن الذي في وسعه التمييز بينهما، وأكثر من ذلك: يمكنه تقديم تفسير لمعايير هذا التمييز18. والإنسان قادر على ذلك لأنّه يمتلك العقل، ووبتعبير أدقّ: في حال استخدم عقله العمليّ.

يعارض كانط إغراء العقل المتعجرف الذي لا يدرك حدوده (انظر أعلاه)، عبر طريقين: لم يتبقّ من التحديد الميتافيزيقيّ للشرّ (كتفسير غير قابل للتفسير) سوى “حاجة”19 ترهق قدرات العقل البشريّ إن أراد أن يشبعها ويحقّقها؛ إلا إذا كانت هذه الحاجة تتعلّق بوضع أسس للأخلاق تُلزم الإنسان بمسؤوليّته بناءً على إمكانيّاته الذاتيّة فيما يخصّ عاداته وأعرافه، غير أنّه تظلّ هناك “حاجة لمقاومة الشر البدنيّ”، فالضعف الجسديّ والمرض والشيخوخة تعدّ جزءًا لا يتجزّأ من الوجود البشريّ، واتخاذ التدابير الاحترازيّة تجاه الكوارث الطبيعيّة المحتملة مسؤوليّة تقع على عاتق الإنسان. إنّ فهم متطلّبات هذا “الشرّ”، والتعامل معها بطريقة علاجيّة متروك، وفقًا لكانط، إلى العلوم الطبيعيّة والطبّ اللذين ازدهرا إبّان القرن التاسع عشر.

على أيّة حال، يجب على الإنسان التعامل مع شرّ ثلاثيّ الأبعاد، قام لايبنتس بشرحه والتمييز بين أبعاده، غير أنّه ليس في مقدور أيّ شخص أن يصبح عالمًا أو طبيبًا. ولكن من وجهة نظر أخلاقيّة، فإنّ التمييز بين الخير والشرّ هو مسؤوليّة جميع البشر، فكيف يمكن للمرء- وفقًا لكانط – تفسير حقيقة أنّ العديد من البشر، لا بل جميعهم على الأرجح، لم يتمكّن من التغلّب على الشرّ بالخير؟20

يجيب كانط على هذا السؤال من خلال تعاليمه حول الشر المتجذّر المفترض وجوده حكمًا داخل كلّ إنسان21. إضافة إلى ذلك، فإنّ كانط يأخذ حريّة الإنسان على محمل الجدّ، إذ في وسعه التصرف في أيّ وقت تجاه قناعة أفضل.

وباعتباره “مراقبًا قاسيًا للقصور البشريّ”، يحصي كانط “التناقضات” التي يقدّمها البشر “كمبرّرات” لأفعالهم التي تحيد عن قانون الأخلاق، وهي ثلاثة: “الضعف والهشاشة” و”عدم النزاهة والإخلاص” و”الخبث” (RGV, B 21f.). ويرى كانط تجلّي الضعف والهشاشة في تشكّي أحد الرسل: “لأنّ الإرادة حاضرة عندي، وأمّا أن أفعل الحسنى فلست أجد” (رومية 7: 18؛ B22) أمّا عدم النزاهة والإخلاص فيتجسّد في أنّ “الأفعال الواجبة لا تتمّ بدافع الواجب الخالص”. أمّا الخبث فيتمثّل في “انحراف القلب البشريّ”.

غير أنّه، إن لم تتحقّق حريّة الإنسان في تشريع نابع من العقل يمنحها بموجبه لنفسه (بل في سعي أخلاقيّ أعمى وراء المصالح)، وإن اختير الشَّر عن دراية وتبصّر، فما الذي يتبقّى كي نعلّق الأمل عليه؟ ألا يخفق الإنسان في التحوّل الكوبرنيكيّ من الثيوديسيا إلى الأنثروبوديسيا؟ من وجهة نظر خاصّة تكمن راديكاليّة تفكير كانط تجاه الشرّ في كونه لا يتجنّب خطر تهديد الاستقلاليّة، فلو استسلم لهذا الخطر من خلال إعادة العقيدة المسيحيّة حول الخطيئة الأصليّة (التي يعمل عليها)، لكان بذلك قد قوّض ادّعاء العقل النقديّ، لا بل أبطله.

ولكن على الرغم من “الجنوح” نحو الشرّ الذي يشهد به كانط على الإنسان، فإنه يتمسّك بفكرة أنّ “هبة النظام العقليّ [للإنسان] هي تحديد للاستقلاليّة”22، وأنّ الميول الطبيعيّة “الموروثة هي جيّدة في الأصل و”غير مُستهجنة”. ولكن إن كان من غير الممكن تبرير الشرّ فيها، بل في “الأسباب الذاتيّة لاستخدام الحريّة، أي في اختيار مبادئ شرّيرة”23، فهناك أمل في مسار تدريجيّ للتحسّن، يمكن أن تسهم فيه التربية والعقل المستنير والقانون العامّ، والعمل على الذات. يأمل كانط في وجود علاقة متبادلة بين الظروف الخارجيّة في الدولة والمجتمع، التي تشمل برأيه الكنيسة والقانون، وبين تطوّر العلاقة الداخليّة للإنسان بذاته، وقناعات مواطنات ومواطني الدولة. وفقًا لكانط، نحن في عملية مفتوحة من “التقدم اللانهائيّ من الأسوأ إلى الأفضل”24.


المصادر:

1. I. Kant, Kritik der reinen Vernunft, Hamburg 1976, B VII u.ö. Zit. als KrV.

2. انظر: I. Kant, Grundlegung zur Metaphysik der Sitten, Riga 1786 (2. Auflage).

3. I. Kant, Die Religion innerhalb der Grenzen der bloßen Vernunft, Hamburg 1978, B 297. Zit. als RGV. جاء في مكان آخر أنّ الحرية هي “موضوع خارق للطبيعة من فئة السببيّة” (I. Kant, Kritik der praktischen Vernunft, Hamburg 1951, A 9. Zit. als KpV.

4. Kant, RGV, B 157ff.; B 167ff.

5. Kant, RGV, B 138..

6. انظر: كانط، أسس غيبيّات الأخلاق

7. هذا ما أظهره إميل فاكينهيم في محاضرة قديمة. نفسه: Kant and Radical Evil, in: The University of Toronto Quarterly (1954), 339–353).

8. G. W. Leibniz, Die Theodizee. Übersetzt von J. H. v. Kirchmann, Berlin 2003. طبعة معادة من قبل دار نشر دور، لايبزيغ 1897، ص.19

9. G. Picht, Über das Böse, in: Ders., Philosophieren nach Auschwitz und Hiroshima Bd. II, Stuttgart 1981, 490 zit. Kant, Über das Misslingen aller philosophischen Versuche in der Theodicee, nach der Akademie-Ausgabe Bd. 8, 255.

10. المرجع نفسه، ص: 194 وما يليها.

11. انظر كانط RGV, B 36: “ليس بالأمر الجوهري، ومن ثم ليس من الضروري أن يعرف كلّ بما يفعله الله، أو ما فعله من أجل نعيمنا وسعادتنا، بل ما يجب على المرء نفسه أن يفعله حتى يصبح مستحقًا لهذه المساعدة.” (التأكيد في النص). لقد تطرّق أ. و. وود بالتفصيل إلى كيفيّة تعامل كانط مع مسألة الله الرحيم. نفسه: (Kant and Religion, Cambridge 2020, 139–163). Mit einer Lehre vom unfreien Willen ist Kants Ethik jedenfalls nicht kompatibel (vgl. ebd., 153).

12. Kant, RGV, B 296ff.

13. إنّ الصلاة معرّضة لخطر أن تُفهم على أنّها “وسيلة” “يمتلكها الإنسان ويسخّرها لتحقيق نيّة معيّنة” (RGV, B 298). وثمة اشتباه في اعتبارها “وسيلة للنعمة” و”وهم خرافي” (B 203).

14. Kant, RGV, B 63.

15. لقد اعترف كانط بالفعل بالكنيسة باعتبارها “كائنًا مشتركًا أخلاقيًّا”، وباعتبارها “شعب الله تحت قوانين أخلاقيّة (RGV, B 138f)، وباعتبارها وظيفة ومعنى لا يمكن الاستغناء عنه من أجل الاعتناء بالأمل. غير أنّ الحديث عن الدين المعيش يحتوي على أكثر بكثير من هذا المفهوم للكنيسة.

16. Picht, Über das Böse, 194.

17. إنّ القدرة على التمييز تمّ التطرّق إليها في الشّكل السرديّ لسفر التكوين 2، غير أنّ مساءلة معايير التمييز تقتضي مراتب لاحقة من التأمل والتفكير، كما هو منصوص عليه في فلسفة كانط العمليّة.

18. يتحدّث كانط عن “حاجة العقل للارتقاء من المشروط إلى غير المشروط” (Akademie-Ausgabe Bd. 6, A 791)

19. رسالة بولس إلى رومية 12: 21.

20. Kant, RGV, B 3–64

21. J. Habermas, Vernünftige Freiheit [Auch eine Geschichte der Philosophie Bd. 2], Berlin 2019, 328. المرجع نفسه، ص. 923. المرجع نفسه، ص. 033، نقلًا عن كانط.


هانس مارتن دوبر

أستاذ في كلية اللاهوت الإنجيلية، في تخصص اللاهوت العملي مع التركيز على الموعظة، وعقيدة المبادئ، والليتورجيا، والشعر، وكذلك الفلسفة الدينية اليهودية، وعلى وجه الخصوص الفلاسفة هيرمان كوهين، فرانز روزنتسفايغ، إيمانويل لفيناس.

Verwandte Magazine

كانط والحاضر العربي … عشرُ أطروحات
#3 كانط

كانط والحاضر العربي … عشرُ أطروحات

ما الذي يدفع اليوم المشتغل بالفلسفة والعلوم الإنسانية في العالم العربي إلى الاهتمام بفيلسوف ألمانيّ من القرن الثامن عشر؟ ما...

كانط
#3 كانط

كانط

المنشأ يطبعُ البشر، حتّى ولو أنّه في كثير من الأحيان لا يُفصح بالكثير عنهم، فالعديد من أعلام الفكر الأوروبيّ في...

كانط والإسلام أو (في حدود الكبرياء)
#3 كانط

كانط والإسلام أو (في حدود الكبرياء)

عَلى الرّغم من أنّ كانط -عَلى حدّ علمنا- لم يستعمل مُصطلح “الإسلام” (Islam) إلا مرة واحدة، في نصٍّ ينتمي إلى...

ردّ كانط على ما بعد الاستعماريّة
#3 كانط

ردّ كانط على ما بعد الاستعماريّة

اسمحوا لي أن أبدأ باقتباس من عمل يتمنّى أغلبنا لو أنّ كانط لم يؤلّفه قطّ، بل لم يؤلّفه بالفعل: تستند...

كانط وراهنيته السياسية في العالم العربي
#3 كانط

كانط وراهنيته السياسية في العالم العربي

مقدمة: لعلّ الجدل بين القانونيّ والأخلاقيّ يعدُّ إشكالًا لا قرارة له، فبين من يدمجهما، وبين من يسوِّغ أحدهما بالآخر، وثالثٍ...

كانط
#3 كانط

ما الذي بقي من قانون المواطنة العالميّة؟ كانط، العُنصريّة، ومقاومة الاستعمار

لا يزال تصنيف قانون المواطنة العالميّة الذي ساقهُ عمانوئيل كانط في عملين فلسفيّين قانونيّين لاحقَين على أعماله، يتمتّع بتأثير وجاذبيّةٍ...

الطبيعة الفنّانة العظيمة: التّاريخ، الحرب والسّلام عند كانط
#3 كانط

الطبيعة الفنّانة العظيمة: التّاريخ، الحرب والسّلام عند كانط

مقدّمة: ماذا نفعل في الواقع عندما نقرأ كانط اليوم؟ عندما نُعالِجُ فلسفةَ إيمانويل كانط بمناسبةِ حلولِ يوبيل سنويٍّ كعيدِ ميلادِه...

منزلة التَّربية الكانطيّة ودورها في الفكرِ العربيِّ المُعاصر
#3 كانط

منزلة التَّربية الكانطيّة ودورها في الفكرِ العربيِّ المُعاصر

أولًا: في تلقي الفكر العربيّ للفلسفة النَّقديّة الكانطيّة1 ليس الغرض مِن هذه الورقة البحثيّة تحليل كتاب كانط: “تأمُّلات في التَّربية”،...

كابوس أو مجال للمناورة! النساء الرّوبوت في الأدب المكتوب بالألمانيّة بداية القرنين العشرين والحادي والعشرين
#2 المرأة

كابوس أو مجال للمناورة! النساء الرّوبوت في الأدب المكتوب بالألمانيّة بداية القرنين العشرين والحادي والعشرين

منذ العصر الرومانسيّ ثمّة تراكمات متكرّرة في الأدب الأوروبيّ لأشكال الخطاب المتعلّق بالتكنولوجيا والجنوسة (الجندر). فغالباً ما يتمّ تخيّل الدّمى...

يومياتي مع كتابة رواية “خيط البندول”
#2 المرأة

يومياتي مع كتابة رواية “خيط البندول”

بعد وصولي إلى ألمانيا بسنة، وفِطامي القسريِّ عن حياتي الأليفة في بلدي، وانهماكي في دروس اللُغة الألمانية، ومحاولاتي بانتشال نفسي...

Load More
DIVAN Kulturmagazin

© 2024 DIVAN Kulturmagazin - .

  • مجلة الديوان الثقافية
  • الأعداد
  • الديوان – البيت الثقافي العربي
  • ديوان سنتر
  • تواصل معنا

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In
No Result
View All Result
  • مجلة الديوان الثقافية
    • عن المجلة
    • هيئة التحرير
    • معايير النشر
  • الأعداد
    • #1 الوطن
    • #2 المرأة
    • #3 كانط
  • الديوان – البيت الثقافي العربي
  • الديوان سنتر
  • تواصل معنا

© 2024 DIVAN Kulturmagazin - .

  • العربية
  • Deutsch